نافاس.. هوية كوستاريكا في نظر عالم الكرة
بعمر الثامنة برزت موهبة الحارس كيلور نافاس، ترك قريته ثم بلده قبل حصد الأمجاد مع ريال مدريد الإسباني ووصوله إلى منزلة النجم الأول في منتخب كوستاريكا الذي يستعد للمشاركة في مونديال روسيا 2018.
بدأت هذه النجاحات بمحطة فاشلة: عندما خاض الاختبارات لدخول تشكيلة صغار بيريز سيليدون، نادي منطقته في جنوب كوستاريكا ضمن الدرجة الاولى، لم يتم الاحتفاظ به.
آنذاك كان خوان دي ديوس مادريس، صاحب شركة للحافلات، في طريقه لتأسيس مدرسة كروية في قرية بيدريغوسو القريبة. ويروي لوكالة فرانس برس في قهوته في سان ايسيدرو بالقرب من استاد بيريز سيليدون "أخبرني شقيقي عن فتى جيد في حراسة المرمى وأنا كنت أبحث عن واحد".
يضيف: "زرت منزل كيلور، تحدثت مع والدته واتفقنا على دخوله المدرسة".
هكذا، وبعمر الثامنة، بدأ كيلور نافاس المولود في 15 شباط/فبراير 1986، مسيرة أوصلته إلى قمة كرة القدم، ليتوج بلقب دوري أبطال أوروبا في المواسم الثلاثة الأخيرة، ويصبح النجم الأول لمنتخب كوستاريكا في روسيا.
بعدها بست سنوات، ترك قريته للانضمام إلى فريق سابريسا في العاصمة، وبلغ الفريق الأول في عام 2005.
من العاصمة انتقل إلى الاحتراف الخارجي مع ألباسيتي في دوري الدرجة الثانية في إسبانيا، ثم ارتقى إلى الأولى مع ليفانتي في العام التالي.
فقر مدقع
في العام 2014، بلغ قمة مسيرته بانضمامه إلى صفوف ريال مدريد، نتيجة تألقه في مونديال البرازيل. مع الفريق الملكي، انتزع لقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات بين 2016 و2018، وهي نتيجة خارقة للاعب كان مدربه الأول سائق حافلة عادياً هو الحارس الهاوي ديدييه أورينيا.
يتذكر مدربه: "كان أسلوب كايلور لامعاً، من دون خجل وباتقان كبير في قدميه. كان منضبطاً جداً عندما يحين وقت العمل".
لفت خوان دي ديوس مادريس الفقر المدقع للصبي: "كان علينا أن نمنح كل شيء لكيلور. طلبنا من أهله دفعة شهرية ومساعدة لتغطية تكاليف المدرسة (الكروية)، لكن بحالة كيلور لم تكن عائلته قادرة على دفع أي شيء".
حافظ كيلور على رابط قوي مع خوان، ودفع ثمن تذكرتي طائرة له ولزوجته لحضور ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال ضد باريس سان جيرمان الفرنسي في 14 شباط/فبراير الماضي. فتح لهم أيضاً باب منزله للإقامة لديه.
لم ينس روجر مورا مدرب حراس سابريسا موهبة الشاب الصاعد: "ذهنياً، كان صلباً جداً، كان يعرف ماذا يريد وكان أكثر تيقظاً من باقي الصبية، كان قوياً وسريعاً. ربما لم يكن موهوباً من الناحية التقنية لأنه كان في خضم تعلمه، بيد أنه كان يمتلك الجينات التي نبحث عنها لدى الحراس".
بعيداً عن الأرض الطينية
وتابع: "في غضون أشهر قليلة، رأينا كيف تحسن، أظهر لنا كيف سيصبح من أفضل حراس كوستاريكا، وإن لم نكن نتصور أنه سيصل إلى هذا الموقع بسرعة كبيرة".
عرف كيلور أبرز لحظات مجده مع المنتخب الوطني، خلال مباراة ضد اليونان في ثمن نهائي مونديال 2014. تعادل المنتخبان 1-1 بعد التمديد، وفي ركلات الترجيح أوقف نافاس ركلتين يونانيتين، ما فتح باب تأهل مفاجئ لكوستاريكا للمرة الأولى في تاريخها إلى ربع النهائي.
لا يمكن لروجر مورا إخفاء تأثره لدى تذكر هذه المباراة الحاسمة. برؤية إنجاز فتاه الصغير "بدأت أتذكر كل شيء منذ بداياته، كل التضحيات التي قام بها للوصول إلى هنا. كنت جزءاً من ذلك، لقد ساهمت بما حصل (...) بدءاً من هذه النقطة، قلنا +كيلور ذاهب، سيلعب مع فريق أوروبي كبير+. بعد قليل فوجئنا بتعاقده مع ريال مدريد".
يتأثر خوان دي ديوس مادريس أيضاً لدى تذكر مسار نافاس: "كنت أدربه على هذا الملعب في بيدريغال المليء بالطين والحفر، ثم أن تراه على هذا الملعب الكامل في مدريد.. هذا لا يصدق".